اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 322
الذي بيده عقدة النكاح، وقرأ الجمهور «ولا تنسوا الفضل» ، وقرأ علي بن أبي طالب ومجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة «ولا تناسوا الفضل» ، وهي قراءة متمكنة المعنى لأنه موضع تناس لا نسيان إلا على التشبيه، وقوله تعالى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ ندب إلى المجاملة، قال مجاهد: الفضل إتمام الزوج الصداق كله أو ترك المرأة النصف الذي لها، وقوله إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خبر في ضمنه الوعد للمحسن والحرمان لغير المحسن.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : آية 238]
حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (238)
الخطاب لجميع الأمة، والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها وبجميع شروطها، وذكر تعالى الصَّلاةِ الْوُسْطى ثانية وقد دخلت قبل في عموم قوله الصَّلَواتِ لأنه قصد تشريفها وإغراء المصلين بها، وقرأ أبو جعفر الرؤاسي «والصلاة الوسطى» بالنصب على الإغراء، وقرأ كذلك الحلواني.
واختلف الناس في أي صلاة هو هذا الوصف، فذهبت فرقة إلى أنها الصبح وأن لفظ «وسطى» يراد به الترتيب، لأنها قبلها صلاتا ليل يجهر فيهما، وبعدها صلاتا نهار يسر فيهما، قال هذا القول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وصلى بالناس يوما الصبح فقنت قبل الركوع فلما فرغ قال: «هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله أن نقوم فيها قانتين» ، وقاله أبو العالية ورواه عن جماعة من الصحابة، وقاله جابر بن عبد الله وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ومجاهد وعبد الله بن شداد بن الهاد والربيع ومالك بن أنس. وقوى مالك ذلك بأن الصبح لا تجمع إلى غيرها، وصلاتا جمع قبلها وصلاتا جمع بعدها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا» ، وقال: «إنهما أشدّ الصلوات على المنافقين» ، وفضل الصبح لأنها كقيام ليلة لمن شهدها والعتمة نصف ليلة، وقال الله تعالى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء: 78] ، فيقوي هذا كله أمر الصبح.
وقالت فرقة: هي صلاة الظهر. قاله زيد بن ثابت ورفع فيه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقاله أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر. واحتج قائلو هذه المقالة بأنها أول صلاة صليت في الإسلام، فهي وسطى بذلك، أي فضلى، فليس هذا التوسط في الترتيب، وأيضا فروي أنها كانت أشق الصلوات على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تجيء في الهاجرة، وهم قد نفعتهم أعمالهم في أموالهم، وأيضا فيدل على ذلك ما قالته حفصة وعائشة حين أملتا: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، فهذا اقتران الظهر والعصر.
وقالت فرقة: الصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر لأنها قبلها صلاتا نهار وبعدها صلاتا ليل، وروي هذا القول أيضا عن علي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدري، وفي مصحف عائشة رضي الله عنها «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر» ، وهو قولها المروي عنها. وقاله الحسن البصري وإبراهيم النخعي، وفي إملاء حفصة أيضا «والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر» ، ومن روى
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 322